لم تكن مهنة الحلاقة حديثة بل قديمة جدا تطورت مع تطور الزمان. وكانت من المهن التي يمارسها أهالي المناطق والقرى ومنها بلاد القديم. لم يعرف تاريخ نشوء هذه المهنة في بلاد القديم ولكن آباؤنا وأجدادنا الأحياء يؤكدون أنها من أقدم المهن التي تزاول في المنطقة.
كانت مهنة الحلاقة قديما تتمثل في شخص واحد يقوم بها، وبعض الحلاقين كان يطلب المساعدة في بعض الأحيان لإتمام مهمته. يتجول هذا الحلاق بعدّة الحلاقة في المنطقة ويقصد مجالسا وأماكن التجمع ليبدأ بمزاولة عمله، وما إن ينتهي من حلاقة رؤوس مجموعة من الأشخاص حتى يمضي لناحية أخرى وتجمع آخر ليقوم بالعمل ذاته.
كان يُطلق على الحلاق سابقا اسم (المزيّن)، وكان يقضي يومه كله في مزاولة عمله، وتبدوا أنها مهنة شاقة جدا وذلك لتنقل الحلاق (المزين) الدائم بين المناطق والمنازل، فليس للحلاق سابقا محلا يقصده الزبائن كما هو حال اليوم. وبعض الحلاقين كانوا يتجولون بدراجة هوائية وذلك للقيام بمهماتهم الشاقة.
الحلاقة سابقا كانت إجبارية على الجميع ولاسيما الصغار، حيث كانوا يخضعون لحلاقة الرؤوس أسبوعيا، وكان سعر قص الشعر للصغار نصف ربية وللكبار ربية واحدة. وغالبا ما يقوم الحلاق بقص شعر الزبون كاملا ليبدوا بدون شعرا (أقرع)، أما بعض الزبائن فيطلب من الحلاق أن يعمل له حركة معينة في شعره (قَصّة).
عدة الحلاق (المزين) كانت عبارة عن حقيبة بداخلها أداة الحلاقة (الموس) وإناء صغير (طاسة)، ومُسِن الموس وبعض قطع القماش (خلاقين) وصابون لغسل الرأس به قبل الحلاقة. وكان الحلاق يقوم أحيانا بحلاقة الذقن (اللحية)، وذلك أما أن يزيلها بالكامل أو يقوم بتعديلها. بعض الحلاقين كانوا يعملون أطباء شعبيين أيضا، حيث يعالجون بعض الأمراض العضوية، وذلك لخبرتهم في استخدام أداة الحلاقة (الموس). الطريف في الأمر أن بعض الحلاقين ما إن ينتهي من قص شعر الزبون حتى يبدأ عمله في علاج ما تسبب به من إيذاء رأس الزبون الذي بات ينزف دما جراء استخدام أداة الحلاقة الحادة في الحلاقة، وتلك معاناة للزبون والحلاق على حد سواء.
من حلاقي بلاد القديم هم المرحوم حسن شعبان (أميلغة الذي ورث المهنة من والده الحاج المرحوم شعبان، ومهدي كلافة من منطقة طشان، ومنصور الصفار من منطقة أبو بهام). وأول من فتح محلا للحلاقة في المنطقة كان المرحوم حسن شعبان، الذي فتحه في منطقة أميلغة بالقرب من القهوة السابقة (موقع مؤسسة الغنامي للمقاولات بجانب منزل المرحوم السيد كاظم حسن مقابل ميدان أهل البيت). ولكنه سريعا ما انتقل لرحمة الله بعد افتتاحه محله بمدة قصيرة.
25 / 5 / 2008